كشفت عدّة وجوه تاريخية في نادي مولودية الجزائر لكرة القدم، هذا السبت، تفاصيل مثيرة لقصة الفريق الأخضر والأحمر الموسوم “نادي الشعب”.
في حصة مطوّلة نظمتها القناة الإذاعية الأولى بالنادي الثقافي عيسى مسعودي بالإذاعة الوطنية، إحياءً لمئوية النادي العريق مولودية الجزائر في السابع أوت من عام 1921، أفاد كمال عوف نجل المؤسس عبد الرحمن عوف المكنّى “بابا حمود”، أنّ والده الراحل، وُلد في 25 أفريل 1902 بالقصبة السفلى وسط العاصمة وكان يتيم الأم، وتولّت الخالة تربيته.
وحرص كمال عوف على تصحيح ما سماها “أخطاء تاريخية”، حيث أوضح أنّ عبد الرحمن عوف كان في سنّ التاسعة عشرة عندما سمع مجموعة من العساكر الفرنسيين يسخرون من الجزائريين في ميدان الحصان بقلب العاصمة (ساحة الشهداء حاليًا)، بقولهم: “هذه هي حديقة أمراء العرب!!”، فشعر عوف بالإهانة، وبدأ يفكّر في تأسيس نادٍ مسلم لكرة القدم، فعرض الفكرة على صديقيه عدلان وحمود لكنّهما عارضا الفكرة بداعي “كلفتها الباهظة”.
وعندما طرح عبد الرحمن عوف تأسيس نادٍ رياضي على ممثل الإدارة الفرنسية، كان الردّ سلبيًا لأنّه “قاصر”، فقام عبد الرحمن بانتحال شخصية ابن عمه الفقيد، عبد المالك، كما صاغ قانون النادي لوحده، ونفى نجله وجود مجموعة في قاعة، مشيرًا إلى أنّ عبد الرحمن عوف دافع عن تأسيس الفريق لدى الادارة الفرنسية، وقدّمه كــ “فضاء للتربية واستيعاب الشباب”، وبعد تفكيره في عدّة تسميات مثل “النجم” و”الجمعية” وغيرهما، اختار الرجل اسم “المولودية” لأنّ ليلة المولد النبوي الشريف كان مرتقبًا في السابع من أوت 1921.
وفي تفسيره لألوان المولودية، شرح عبد الرحمن عوف للإدارة الفرنسية أنّ الأخضر يرمز لـ “الجنة” والأحمر لــ “النار”، وذكر نجله كمال عوف أنّ أباه تمكّن من تأسيس وتوفير حاجيات الفريق بفضل 150 ألف فرنك فرنسي منحتها له خالته التي باعت 3 دويرات وقالت له إنّه “إرثك”، وبتلك الأموال اشترى المؤسس الألبسة والكرات وباقي العتاد.
وتابع كمال عوف: “تاريخ اعتماد المولودية رسميًا من طرف الإدارة الكولونيالية كان في الفاتح أكتوبر 1921، وأول لقاء خاضته المولودية كان في 15 أكتوبر 1921 وخسرته المولودية بسداسية دون ردّ”، علمًا أنّ فرنسا جنّدت عبد الرحمن عوف عسكريًا عام 1922 وأرسلته إلى ألمانيا، وأثناء غيابه جرى تعليق أنشطة النادي بقرار فرنسي جائر، قبل أن يقوم عوف بإعادة تفعيله مجددًا.
وصرّح كمال عوف أنّ ملعب المولودية كان في ضاحية بلفور شرقي العاصمة، وكان عبارة عن ميدان عسكري جرى استصلاحه واستغلاله في التدريب وإجراء المباريات، ونوّه المتحدث إلى أسماء بارزة تداولت على تسيير والدفاع عن ألوان المولودية أمثال بن سماية، الصيدلي عبد الله بن حبيلس، بوبكر، كمال لموي، منتهيًا إلى أنّ مرحلة 1921 – 1956 كانت فترة نضال، وبعد بعد الاستقلال مهمة رياضية بحتة جرى افتتاحها بأول لقب 1971 مع المدرب الراحل علي بن فضة.
وجرى الكشف أنّ عبد الرحمن عوف عندما غادر المولودية، قام بإنشاء مشتلات في سابقة من نوعها بالجزائر، وكان عبد الرحمن عوف أبًا حقيقيًا لأبناء القصبة وبابا الواد وغيرهم، وهذا سر كنيته “بابا حمود”، وإثر إجبار الإدارة الكولونيالية ضمّ كل فريق مسلم لخمسة أجانب، ذكر كمال عوف أنّ والده جلب قلب الدفاع الأرجنتيني جوردان والحارس الإيطالي برانكي.
ضريبة غالية بــ 174 شهيدًا
قدّمت مولودية الجزائر ضريبة غالية بـ 174 شهيدًا في ثورة التحرير، وكان الشهيد علي لابوانت يحتفي بالمولودية، وروى الحاضرون ما اكتنف أحداث 11 مارس 1956، ففي ذلك التاريخ، كانت هناك مباراة مهمة للعميد في ملعب سانت أوجان (بولوغين حاليا) ضد الجار الغريم الكولونيالي جمعية سانت أوجان، وكان الملعب مكتظًا عن آخره، وبعدما كان العميد متأخرًا بهدف، تمكن العميد من التعديل في آخر لحظات اللقاء، وهو ما لم يتقبله الفرنسيون و هو ما فجر الفرحة عند أنصار المولودية و هو ما لم يتحمله الفرنسيون فاعتدوا على الجزائريين، ليتّم تسجيل الكثير من الإصابات وتحطيم أكثر من 30 سيارة، وجرى اعتقال عدد كبير أنصار المولودية والزج بهم في السجن وتعذبيهم.
وقال كمال عوف إنّ انسحاب المولودية من كافة المنافسات الكروية بتاريخ 13 مارس 1956، لم يكن بأمر من جبهة التحرير بل بقرار من جازولي وإبراهيم دريش، وحتى الفرق الرياضية المسلمة لم تنسحب بأمر من جبهة التحرير، بل بقرارات منها تضامنًا مع المولودية، مثل نوادي: اتحاد البليدة، اتحاد العاصمة، نصر حسين داي، رائد القبة، اتحاد الحراش، أولمبيك سانت أوجان ، وداد بلكور وغيرها.
رسالة إلى الرئيس..
شهدت الحصة تدخل الرئيس السابق للمولودية، عبد القادر ظريف، الذي استرجع ملحمة التتويج بكأس إفريقيا للنوادي البطلة 1976، وقال: “المولودية كانت عنوانًا كبيرًا للتلاحم، وسر نجاح السبعينات في التكوين والتنظيم وحرارة اللاعبين”، مضيفًا: “رسالتي إلى الرئيس تبون هي إقراره منح ملعب للمولودية، ونقول له هذه هديتك للعميد في مئويته”.
من جانبه، أشاد النجم الدولي السابق عمر بطروني رجل الثواني الأخيرة أنّ كل شيء في فترة السبعينات الزاهية “تمّ بفضل حمل الرجال للمشعل من عوف وجازولي وظريف، إلى خباطو، زوبا، بن فضة، كياس، بن مرابط وغيرهم”، وأكّد صاحب الثنائية في نهائي حافيا كوناكري الغيني: “كان بإمكاننا نيل كأسين إفريقيتين أخريتين بعد 1976″، كما استرجع بطروني بحنين لقاء مولودية الجزائر مع نجوم ريال مدريد سنة 1977.
ملحمة الثلاثية
كشف رفيق بلامين نجل الرئيس السابق فرحات بلامين، أنّ مولودية الجزائر سقطت لأول مرة إلى القسم الثاني في ختام موسم 1964 – 1965 بقرار من وزير الشباب والرياضة آنذاك صادق بتال، إثر أحداث شغب تخللت آخر مواجهات العميد في ذلك الموسم.
ومباشرة بعد ذلك السقوط، قامت إدارة المولودية بتشبيب الفريق وهو ما أتى أكله أعوامًا من بعد، وقال بطروني: “ملحمة الثلاثية عام 1976، بدأت عندما خضنا الكأس المغاربية في تونس، وإحساس الثلاثي ظريف، قطرانجي وبلامين بقدرة الفريق على المنافسة إفريقيًا، وتحمّل المدربان إسماعيل خباطو وحميد زوبا المسؤولية، وحققنا الثلاثية بـ 14 لاعبًا فقط”.
وقال بوغدو الحارس السابق في ستينات القرن الماضي: “اللاعبون زمان لعبوا بالأقمصة، وانبعاث تاريخ وقيمة المولودية عبر الاستثمار في أبناءها”، بينما ركّز رفيق بلامين على أنّ براعة والده وساقي مسيري الزمن الجميل كان في “إجادتهم جمع الكفاءات … واستقطاب الرجال”، وتابع: “بلامين كان موظف سام في الدولة وعرف كيف يمزج بين أسرة المولودية.. روح التسيير لدى عبد القادر ظريف، وكان معاصرو بلامين، يقولون عن الأخير … نخافه نحبه ونحترمه”، فيما علّق بطروني في أسى: “جازولي منح المشعل لبلامين وحسينة وقداش … بعدها جرى منح المشعل لأناس لم يخدموا المولودية”، كما أبرز اللاعب السابق يوسف فرحي: “فرحات بلامين قال للرئيس بومدين القضية قضية رجال، ومسيّرو ذاك الزمن كان لديهم فن التسيير”، مضيفًا: “مشكلتنا منذ سنوات طويلة … افتقادنا للملعب، حيث كنا نتدرب في بولوغين …نستحم في الشراقة ونتغذى في باينام”.
اللاعبون الكبار لا يصنعون الفريق الكبير
شدّد يوسف فرحي أنّ اللاعبين الكبار لا يصنعون الفريق الكبير، معقّبًا: “سنة 1983 كان لدينا فنانين أسهموا في التتويج بالكأس على حساب جمعية وهران، وسقوط 1985 سببه غلطات، تمامًا مثل النجاة من السقوط في جويلية 1988، والنتيجة أنّ المولودية ظلّت فريقًا يتيمًا”.
وفي تدخله، حرص الرئيس السابق الوناس شعبان على إبراز دور المدرب مصطفى تمام الذي كان وراء جيل السبعينات، في حين أشار تركي مسعودي رئيس النادي الهاوي إلى محاولات جمعية المولودية لاسترجاع الفريق منذ عام 1976، لكن الانشقاقات توالت رغم “نجاح أبناء المولودية عام 2001 في لمّ الشمل وإعادة المولودية إلى مقامها سنة 2003، رغم تواضع الإمكانات”، وأضاف: “بدأنا التكوين في 2001 … ونجحنا في نيل البطولة عام 2010 بــ 14 لاعبًا كوّناهم، لكن حصل الانشقاق مجددًا بعد ذلك، وجرى إقصاء 78 عضوًا”.
من جانبه، رافع حميد عثماني نائب رئيس لجنة الأنصار للمّ الشمل والحصول على ملعب خاص بالنادي، مسجّلاً تطلع عشاق المولودية للحصول على ملعب الدويرة الجديد.
الصور بعدسة: علال حاشي
رابح هوادف – موقع الإذاعة الجزائرية
عمار براهمية للإذاعة الجزائرية: “المولودية ستتدعّم بمركز زرالدة عام 2023”
أكّد رئيس مجلس إدارة نادي مولودية الجزائر عمار براهمية، هذا السبت، أنّ العميد سيتدعّم بمركز كبير في ضاحية زرالدة غربي العاصمة عام 2023.
في حصة مطوّلة نظمتها القناة الإذاعية الأولى بالنادي الثقافي عيسى مسعودي بالإذاعة الوطنية، إحياءً لمئوية النادي العريق مولودية الجزائر في السابع أوت من عام 1921، أفاد براهمية: “أمضيت على عقد بناء مركز تابع للمولودية في زرالدة، وبدأت الأشغال فعليًا، بعدما قمنا بتسديد قيمة قطعة الأرض التي تمتدّ على مساحة 28 ألف متر مربع”.
وتابع براهمية: “مركز زرالدة سيستوعب 3 ملاعب ومركزًا للشباب، وأؤكد أنّ الشركة الجزائرية المشرفة على إنجاز المشروع، تعهّدت بتسليم المركز في سنتين، وأموال الإنجاز متوفرة، وسيتمّ إدخالها إلى رأسمال الشركة التجارية المسيّرة للعميد”.
وشرح رئيس مجلس إدارة الفريق الأخضر والأحمر: “مركز زرالدة سيكون مركز تحضير وتجمّع وتكوين، وسندعّمه بمنشآت أخرى في ضواحي العاشور ودالي ابراهيم وفرحاني بالعاصمة”، مضيفًا: “لن تكون هناك أية وعود كاذبة في المستقبل … ما دمت على رأس النادي”.
ديون العميد 120 مليارًا
كشف براهمية أنّ ديون العميد بلغت 120 مليارًا، مشيرًا إلى تعيين خبير لحسم هذه المعضلة، وعلّق بشأن القيمة المذكورة: “نحن الآن نجني تبعات سوء التسيير من عشوائية وتبعثر وعدم تنظيم، وليس من هبّ ودبّ يكون على رأس المولودية”.
وتابع: “مجيئي إلى المولودية أكّد أنّ الأمور لم تسر كما يجب، وعليه سنفكّر بشكل مغاير لبناء مولودية تفرح جماهيرها ومسؤوليها وتعيد هيبة النادي الكبير”.
وأضاف براهمية: “عندما لا تكون مولودية الجزائر في أحسن أحوالها … لا تكون الرياضة الجزائرية كذلك، والدليل ما حصل في أولمبياد طوكيو”.
وإزاء الوعود التي جرى إطلاقها قبل المئوية، شدّد مسؤول المولودية: “نحن في رياضة وليس في سحر، وجلب لاعبين بمئات الملايين لا يصنع فريقًا، ثمّ أنّ الاحتراف له قوانينه”، وفي مقابل انتقاده النتائج الهزيلة لفريق الكرة، تساءل براهمية: “المولودية فريق كبير … أين هي اليد … أين هي السلّة؟ المسألة ليست مسألة أموال … بل احترام الألوان … مسألة رجال”.
بناء الفريق بالشبان
في مقابل تأكيده أنّه لن يتّم إنفاق 300 مليون على أي لاعب مستقبلاً، رأى براهمية أنّ تقليص المنح والعلاوات سيسهم في بناء النادي، كما شدّد على أنّه اعتبارًا من الموسم القادم، سيتّم الاعتماد على الشبان، مع السعي لتزويد المنتخبات الوطنية بخيرة طاقات المولودية، مشيرًا إلى أنّ الجزائر جنت 15 ميدالية أولمبية في السابق، نصفها افتكها من شبان تكوّنوا في المولودية.
وبشأن الانتدابات، صرّح براهمية: “لا يزال الوقت مبكّرًا ولن نمنح أي اسم، نحن نحترم الأخلاقيات وسنكمل الموسم إلى غاية النهاية”، مسجّلاً: “من له مشكلة انضباط ولا يحترم ألوان المولودية … لن تكون له علاقة بالفريق”.
وتابع براهمية: “نراهن على تجديد عقود اللاعبين المنتهية عقودهم، وتفعيلهم ضمن الاستيراتجية الجديدة، وتدريجيًا سنرتقي”، وبشأن قضية “ألبسة المولودية” التي تباع في الأسواق، وجّه براهمية نداءً لجميع الأنصار بــ “عدم شراء ألبسة المولودية لأنّها لا تمثّلنا، وسنذهب إلى المتابعة القضائية إن لم يستجب المعنيون ويعيدون حق المولودية”.
واختتمت حصة القناة الإذاعية الأولى، بتأكيد اللاعب السابق لمولودية الجزائر، يوسف فرحي، أنّ “جلب غالبية اللاعبين من خارج النادي ليس أمرًا جيّدًا”، في وقت عبّر المدافع المخضرم عبد الرحمن حشود عن أسفه واعتذر من عشاق العميد، قائلاً: “كنا نتمنى تتويج المئوية بلقب واحد على الأقل، ثمّ أنّ المئوية كان يجب أن تحضّر قبل سبع سنوات، وأبلغ الأنصار أنّ كثيرًا من الظروف أفرزت حالة الفراغ الرهيبة التي آل إليها فريق بحجم المولودية”.
رابح هوادف – موقع الإذاعة الجزائرية