عادت دورة “فيفا – سيري” الجزائر 2024 بالفائدة على المنتخب الجزائري على أكثر من صعيد، حيث منحت المدرب الوطني الجديد فلاديمير بيتكوفيتش تصورا شاملا على مستوى اللاعبين الدوليين وكشفت له نقاط القوة التي وجب الاستثمار فيها ومعها مكامن الضعف والخلل التي يتوجب معالجتها قبل المواعيد الرسمية بداية من شهر جوان المقبل.
وبتسجيله ستة أهداف في مباراتي الدورة أمام منافسين محترمين (الفوز على بوليفيا 3/2 والتعادل أمام جنوب إفريقيا 3-3)، بات واضحا تعدد وجودة الخيارات الهجومية التي يملكها المدرب الوطني الجديد فلاديمير بيتكوفيتش في المنتخب، حتى في ظل غياب القائد رياض محرز والهداف التاريخي للمنتخب إسلام سليماني والنجم يوسف بلايلي.
الرهان على ياسين براهيمي في المنتخب بعد أكثر من عامين من الغياب كان أكثر من موفق، فالقائد الجديد للمنتخب بدا قويا فنيا وبدنيا ومميزا في التنشيط الهجومي في صناعة الأهداف وحتى التسجيل خلال المباراتين، كما وفق ياسين بن زية في إسكات كل الأصوات التي انتقدت اللجوء إلى لاعب “انطفأ” نجمه وغاب عن الواجهة، خاصة بعدما اضطر أمام عزوف الأندية الأوروبية وحتى المحلية للذهاب إلى بطولة أذربيجان.
خريج أولمبيك ليون كان نجم البطولة دون منازع بإحرازه 3 أهداف مع هدف عالمي في مرمى جنوب إفريقيا، وعليه سيكون إحدى الأوراق الهامة في مخططات بيتكوفيتش خلال المرحة المقبلة وبدرجة أقل الاكتشاف منصف بكرار القادم من بطولة شمال أمريكا، لاعب يملك فنيات مميزة، سرعة في التوغل لكنه افتقد للمسة الأخيرة فقط من أجل إدراك أول أهدافه على عكس حاج موسى الذي لم يقدم خلال دخوله في المباراتين ما يستحق عليه الاستمرار مع المنتخب في المواعيد المقبلة، فيما أجلت الإصابة اكتشاف رفيق غيتان.
ومنح أحمد قندوسي وتقديم ريان آيت نوري إلى وسط الميدان مزيدا من العمق للأداء الهجومي لقدرة الثنائي على التحول وتموين المهاجمين وحتى التسجيل، كما أن سعيد بن رحمة العائد من إصابة هو الآخر يقدم حلولا أخرى تدفع بهذا الهجوم “الناري” لاكتساح منافسيه أكثر في الفترة المقبلة.
بالمقابل كشفت دورة “فيفا – سيري” الجزائر 2024 عن اختلالات كبرى في المنظومة الدفاعية التي تلقت 5 أهداف كاملة في مباراتين، بداية بحراسة المرمى التي لم تعط الأمان والثقة التي كان يمنحها مبولحي في وقت قريب. فماندريا الذي تراجعت أسهمه في نهائيات كوت ديفوار لم يكن موفقا في مباراة بوليفيا، وزغبة وإن قام بتصدّ رائع في مباراة جنوب إفريقيا إلا أنه لم يكن حاسما في المباراة ذاتها، وهو ما أكده الناخب الوطني بيتكوفيتش الذي تحدث عن توسيع خياراته في حراسة المرمى في الفترة المقبلة، الأمر الذي يفتح المجال لعودة أوكيدجة الذي أعلن تراجعه عن قرار الاعتزال، وهو الذي يقدم مباريات كبيرة مع فريقه ماتز الفرنسي حتى وإن تقدم في السن.
وبات واضحا أيضا أن عيسى ماندي لم يعد ذلك المدافع الصلب، حيث برز بأخطائه وضعفه في الرقابة، فيما بات استدعاء مدني وإشراكه في مباراة جنوب إفريقيا يطرح أكثر من علامة استفهام. فاللاعب وإن كان موفقا في تدخلاته في الكرات العالية ويملك بعض الجودة في التمرير، إلا أنه بالمقابل لم يكن يقظا في المراقبة وسيئا جدا في الصراعات الثنائية وبطيئا في الحركة وكان مسؤولا بشكل مباشر في هدفين خلال المباراة، وحتى ڤيتون وآيت نوري لم يكونا مميزين في التغطية، فيما يبدو أن مدافع ولفرهامبتون أفضل عندما يتقدم إلى الوسط، حيث بدا فعالا أكثر في هذا المنصب، على الأقل كان أداؤه أفضل بكثير من أداء بن طالب وحتى حسام عوار الذي لم يجد ضالته في المنتخب وقبل ذلك في ناديه روما الإيطالي.
مهما يكن فإن إيجابيات المنتخب في هذه الدورة أكبر من سلبياته، وكان واضحا الرغبة والإصرار على تجاوز وطي صفحة الماضي، كما كانت الروح والإصرار والقتالية حاضرة، بدليل قدرة المنتخب في كل مرة على العودة في النتيجة، أما بيتكوفيتش فقد بدا موفقا في قراءة المباريات وتغيراته كانت موفقة إلى أبعد الحدود وأمامه الآن 3 أشهر قبل موعد المنافسة الرسمية من أجل ضبط الإيقاع ومراجعه النقائص.