أظهر “الخضر” وجهان مختلفان في اللقاء الثاني لهم في الدورة الودية لـ “الفيفا” أمام جنوب إفريقيا، فبعد شوط أول باهت، عاد اللاعبون في اللقاء واستطاع افتكاك التعادل أمام خصم عنيد.
عمل كبير ينتظر بيتكوفيتش خاصة على مستوى خط الدفاع الذي ينغمس أكثر في الأزمة من لقاء إلى آخر، في انتظار الحلول التي سيقترحها بيتكوفيتش.
أما في الشوط الثاني وبعد التغييرات استعاد “الخضر” زمام الأمور وأظهروا شخصية كبيرة وكافحوا حتى آخر لحظة، وبرز ياسين بن زية في هذه المباراة بتوقيعه ثنائية وأحدهما هدف عالمي.
الناخب الوطني الجديد كون بكل تأكيد فكرة أولية عن المجموعة التي سيخوض بها قادم الاستحقاقات.
أكدت المباراة الودية التي نشطها المنتخب الوطني أمام نظيره الجنوب إفريقي بأن المدرب الجديد بيتكوفيتش يسير نحو إحداث ثورة نوعية في بيت محاربي الصحراء، بعدما منح فرص البروز لأكبر عدد من اللاعبين، ما سمح بتألق عدة أسماء عانت في وقت المدرب السابق بلماضي وأخرى استغلت فرصة ظهورها لخطف الأضواء وإبراز إمكاناتها، ما جعل ودية جنوب إفريقيا وقبلها مباراة بوليفيا فرصة مهمة للسعي إلى البرهنة وإثبات الذات تحسبا للتحديات الرسمية القادمة.
سمحت ودية “الخضر” أمام منتخب جنوب إفريقيا على أهمية العمل الذي يقوم به المدرب بيتكوفيتش لضخ دماء جديدة في التشكيلة الوطنية، ما جعله يسير نحو تشكيل معالم جديدة للمنتخب الوطني، خاصة وأن ذلك سمح ببروز عدة عناصر خطفت الأضواء بشكل لافت، بعضها استغلت فرصة استدعاءها لأول مرة وأخرى عادت إلى الواجهة بعدما عانت من التهميش في عهد المدرب السابق جمال بلماضي، وفي مقدمة ذلك بن زية الذي منح إضافة نوعية للهجوم وكذلك ياسين براهيمي الذي كانت عودته موفقة، وهو الذي ساهم في بناء اللعب بفضل إمكاناته الفنية وتمريراته الحاسمة.
وإذا كانت ودية جنوب إفريقيا لم تختلف عن سيناريو مباراة بوليفيا، إلا أنها كانت اختبارا هاما للمنتخب الوطني، بناء على قوة المنافس الذي كان قد أنهى “كان 2022” في المرتبة الثالثة، ما جعل المدرب بيتكوفيتش يستغل هذه المباراة لوضع لاعبيه في الصورة بغية الوقوف على إمكاناتهم وفقا للخيارات الفنية التي اعتمد عليها. ورغم التغييرات الكثيرة التي عرفتها التشكيلة مقارنة بمباراة بوليفيا، إلا أن العناصر الوطنية أبانت مجددا عن رد الفعل الإيجابي في مباراة قوية اتسمت بالندية والتنافس الحاد على مدار مجريات التسعين دقيقة. ورغم أن رفقاء ماندي كانوا السباقين إلى مجال التهديف عن طريق العنصر البارز بن زية، إلا أنهم انهوا المرحلة الأولى بتأخر في النتيجة على وقع هدفين مقابل هدف واحد، بعدما تلقوا الهدف الثاني في الوقت بدل الضائع، إلا أن ذلك لم يثن من عزيمة لاعبي المنتخب الوطني الذين ابوا عن أداء جيد في المرحلة الثانية وعادلوا النتيجة على مرتين أمام منافس أكد مجددا على صحة إمكاناته وصحة الوجه الجيد الذي أبان عنه في “الكان”، في الوقت الذي تأكد أيضا صحة العمل الكبير الذي يقوم به المدرب الوطني الجديد بيتكوفيتش الذي لم يتوان في إحداث ثورة نوعية في التشكيلة، بناء على الأسماء التي وجه لها الدعوة ووظفها أمام جنوب إفريقيا وقبل ذلك ضد بوليفيا، فساهم في تفجير إمكانات عدة لاعبين لم يكونوا ضمن خيارات المدرب السابق بلماضي، على غرار بن زية الذي سجل هدفين جميلين في مرمى جنوب إفريقيا وكان وراء تمريرة حاسمة في هذا اللقاء، مثلما عاد براهيمي إلى الواجهة بفضل إمكاناته الفنية وروحه القتالية وتمريراته الحاسمة، فسجل هدفا أمام جنوب إفريقيا وكان وراء تمريرة حاسمة، كما تأبق آيت نوري بشكل لافت، وكان واحدا من العناصر التي قدمت الكثير في ودية جنوب إفريقيا، مثلما أتيحت الفرصة لعدة لاعبين سعوا إلى البرهنة رغم تضييعهم لعدة فرص خطيرة، في صورة بكرار وقندوسي والبقية.
والواضح، أن ودية جنوب إفريقيا كانت مفيدة من الناحية الفنية بشكل لا يقل أهمية عن ودية بوليفيا، خاصة وأن الفرصة كانت مهمة لضخ دماء جديدة تحسبا للمواعيد الرسمية المقبلة، حيث وقف بيتكوفيتش على الانتفاضة الهجومية، بدليل تسجيل 5 أهداف بكيفيات متنوعة، بعضها سجلت بطريقة رائعة، مثل مقصية بن زية، مثلما كشفت الوديتين المذكورتين على الخلل الكبير الذي يعرفه الخط الخلفي الذي تلقى 5 أهداف كاملة بعضها بسبب أخطاء فادحة، ما يجعل الفرصة متاحة لتقييم الوضع بغية تثمين الجوانب الايجابية وتجاوز النقائص المسجلة حتى تكون العناصر الوطنية في الموعد تحسبا للمواعيد الرسمية المقبلة شهر جوان المقبل بمناسبة تنشيط الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات مونديال 2026.
هذا هو ياسين بن زية الذي أبدع سهرة الثلاثاء
بهدفين بيسراه، أحدهما تحفة فنية راقية، وبتمريرة حاسمة لياسين براهيمي، تحوّل ياسين بن زية إلى “شوشو” المناصرين عند نهاية مباراة الثلاثاء بين الخضر ومنتخب جنوب إفريقيا المحترم، وكان ياسين، قد سجل أيضا أمام بوليفيا ليضع نفسه نجم مباراتي الخضر الوديتين.
في سبتمبر القادم سيبلغ اللاعب ياسين بن زية ربيعه الثلاثين، وهو لاعب لم تستفد منه الجزائر أبدا، بالرغم من أنه اختار الألوان الوطنية صغيرا. وليس المدربين هم الذين رفضوه، وإنما كثرة الإصابات وتنقلاته الكثيرة بين البلدان والفرق، حيث بدأ بن زية اللعب في فرنسا ثم انتقل إلى تركيا واليونان، ويلعب حاليا في أذربيجان، ولكنه مع أندية كبيرة. أما المأساة التي تعرض لها فقد أبعدته طويلا بعد إصابة خطيرة إثر حادث سير، تعرض له في فرنسا كاد أن يودي بحياته، وقيل حينها بأن ياسين بن زية الموهوب غير المحظوظ بالإصابات، بأنه لن يعود للعب الكرة أبدا، وأعلن بنفسه عن قرار الاعتزال.
ياسين بن زية الذي سيبلغ من العمر بعد ستة أشهر 30 سنة لعب في فرنسا لمدرسته الأولى ليون، ثم انتقل إلى ليل ولعب أيضا لديجون، وكان مشروع لاعب كبير، وهو متخرج من مدرسة ليون، خاصة أنه ظهر مع أكابر ليون وعمره 17 سنة فقط، ولكن الإصابات طعنته وعرقلت مساره فانتقل إلى أولمبياكوس اليوناني الذي لعب له 142 دقيقة، وفي فينارباخشي التركي لعب أيضا 741 دقيقة وهذا بسبب الإصابات الخطيرة التي يتعرض لها باستمرار.
ابن ليون صنع الحدث الكبير في ناديه الأول ليون في سنة 2011 عندما تم إشراكه في مباراة رسمية لمدة ثلاث دقائق، وكان في سن الـ 17 وصار مطمع الكثير من الأندية بما فيها جوفنتوس وليفربول وفالونسيا، ولكن مشواره كان مليئا بالدموع بعد تلقيه الإصابات، حيث اشتهر بن زية ببكائه بحرقة بعد كل إصابة، وتقوم الكاميرات بتصويره وهو يبكي، قبل أن ينتقل إلى فريق ليل لطرد النحس ولكن من دون جدوى، وللأسف فإن هذه المسيرة المتعثرة هي التي جعلته شحيح في التهديف.
قيمة بن زية الفنية ظهرت جليا عندما اختار اللعب للخضر، حيث أثار خياره ضجة في فرنسا في معاقل الديكة من الفرنسيين الذين أجمعوا على الاستهزاء بخيار اللاعب الوهراني ياسين بن زية، اللعب للمنتخب الجزائري، فكانت تعليقاتهم ساخرة، وبلغت درجة العنصرية في بعض الأحيان، حيث تساءل بعضهم من هو بن زية هذا الذي تتحدثون عنه، وركّز كثيرون على أن اللاعب لم يختر، لأن فعل اختار، ينطبق على حالة وجود عدة خيارات، واللاعب ليس أمامه أي خيار، وهو أعلم الناس بأن مستواه لا يجعله يحلم يوما باللعب للمنتخب الفرنسي، بالرغم من أن اللاعب بن زية، كان حينها في الواحدة والعشرين من العمر فقط، وسبق له وأن حمل الرقم 10 لمنتخب فرنسا للشباب أي الأواسط والآمال أيضا، كما طالب فرنسيون من الحكومة الفرنسية بأن لا تصرف المال في التكوين، لأجل أن تستفيد منتخبات أخرى من الثمار والمقصود هنا منتخب الجزائر، واعتبرت سيدة فرنسية اختيار بن زية للخضر، أسعد خبر سمعته، وطالبت البقية من الطامعين في اللعب لفرنسا اتباع خيار ياسين، وانخدع آخرون باسم اللاعب الشبيه باسم لاعب ريال مدريد السابق بن زيمة، حيث قال فرنسيون بأن الفارق الوحيد بين المهاجم بن زيمة الجزائري الأصل، والمهاجم بن زية الجزائري الأصل، هو حرف الميم، ولكن مدربين آخرين في فرنسا اعترفوا بقيمة اللاعب وقالوا بأن فرنسا ضيعته.
مباراة الثلاثاء رفعت من أسهم ياسين بن زية، الذي دخل قلوب الكثيرين، بعد ـن نسوه، بل إن مروره على الخضر ظل باهتا، ولم يسجل في حياته قبل المباراتين الأخيرتين مع الخضر سوى هدف واحد في لوزوتو في مباراة أدارها نبيل نغيز، الذي قد يكون هو من وجه لياسين بن زية الدعوة، لأن بيتكوفيتش لا يعرفه.